للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والاستدلال بالآيات الكونية وغيرها لا يقصد بها نفي طرف في قضية لها طرفان ليثبت الطرف الآخر، وإنما القصد من هذه الاستدلالات توجيه المدارك العقلية والمشاعر الوجدانية إلى جلال سلطانه وعظمة تدبيره١.

إن أمر وجود الله لا يحتاج إلى دليل، إنه أظهر من كل شيء وأوضح من كل أمر، وكما قال بعض الصالحين:

ومتى غاب حتى يكون في حاجة إلى إثبات وكما قال العارف بالله العلامة الثقة أبو الحسن الشاذلي:

ومن أعجب العجب أن تكون الكائنات موصولة إليه فليت شعري هل لها وجود معه حتى توصل إليه؟ أو لها من الوضوح ما ليس له؟ حتى تكون هي المظهرة له؟

يقول الألوسي: فلا تثبتوا لأنفسكم وجودا مع وجوده لأنه الذي أظهر تعيناتكم بعد أن لم تكونوا شيئا مذكورا٢.

إن مجرد البدء في إثبات وجود الله هو بدء في الاعتراف بمشروعية إنكاره أو احتمال ذلك وهو غير متصور في بيئة كان فيها من أسلم شعره وكفر قلبه، وكان فيها من سيبعث يوم القيامة أمة وحده، وكان فيها من يقول: "الله أحد".


١ القرآن العظيم لفضيلة الشيخ محمد الصادق عرجون ص١٤.
٢ الألوسي ج٤ ص٢٠٩.

<<  <   >  >>