ولقد صادفت هذه الدعوة من القوى المعادية لها مثلما تصادفه اليوم.
لقد صادفت من العلمانيين أصحاب الشهوة والملذات والمنفعة الشخصية صدا بالحرب، والإشاعة، والصد، والقطيعة, وجلب الفكر المعادي, كما صادفت الصليبية بقسميها: المتعصبة والعسكرية الغازية.
كذلك لم يمهل اليهود عمر الدعوة منذ سمعوا عن بعثة سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- فألبوا عليه الخصوم من بعيد، ثم شرعوا أسنة الرماح وحاكوا جلابيب الغدر والخيانة وزينوا للنفاق والمنافقين مقاعد في حصونهم.
وبنفس الأسلحة المعاصرة:
التقدمية في لغة الشيوعيين.
القومية في لغة العلمانيين.
الدهاء والمراوغة والإشاعة في لغة المنافقين.
اللقاء الروحي والسلام الاجتماعي في لغة الماجنين.
والاعتقالات، والسجون، والحصار الاقتصادي، والزحف العسكري، والتضليل السياسي. كل ذلك واجهته الدعوة منذ عهدها المكي. لكنها استطاعت أن تتخطى الحواجز، وأن تتغلب على الصعاب لأنها لم ترتجل العمل ارتجالا، ولا ركنت إلى المعجزات كوسيلة، بل اتخذت لها -كما أراد لها ربها- المناهج، والمراحل، والوسائل، وساوقت بين المرحلة، والوسيلة، والمنهج حتى صنعت جماعة لا تعرف العرقية، ولا العصبية ولا الثأر للذات، ولا التفاني