للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَدْ قَالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ, فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَؤُلاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ} ١.

إنه نموذج مكرر للإنسان في كل عصر إذا فسدت فطرته وضلت واتبع شيطانه واغتر بدنياه هنا يأتي الضر ليغسل الفطرة من ركام الهوى والشهوة وينقيها من العوامل الوراثية المصطنعة التي تحجبها عن الحق الكامن في خلاياها.

إن القرآن يكشف عن سر الابتلاء بالنعم فهي امتحان ليميز الله خبيث النفوس من طيبها، وينبههم إلى الخطر ويحذرهم من الفتنة حتى لا تكون للناس حجة ولا عذر بعد هذا البيان.

ويعرض القرآن هذه المقالة في جوها العام كفلسفة للمشركين دائما في كل عصر قد قالها الذين من قبلهم هي هي الكلمة: {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ} قالها قارون ويقولها كل قارون في المستقبل ولكن النهاية التي يحذر منها القرآن هي {فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} .

لقد اختلت موازينهم وفسدت معايير الحياة التي يتعايشون عليها فضلوا طريق الحق فأخذهم العذاب من حيث لا يشعرون٢.

ويكشف القرآن في آيات أخرى عن طبيعة هذا اللسان إذا مسه الضر وأحاطته المصائب فيلجأ إلى ربه ويتعرف عليه.


١ الآيتان رقم ٤٩، ٥٠ من سورة الزمر.
٢ راجع في ظلال القرآن ج ٢٤ ص ٣٨، ٣٩.

<<  <   >  >>