للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رهان, قالوا: منا نبي يأتيه الوحي من السماء فمتى ندرك مثل هذه؟ والله لا نؤمن به أبدا ولا نصدقه. قال: فقام عنه الأخنس وتركه١.

ينطق النص بمقدار العمق الذي أحدثه الاستقطاب حول الدعوة الإسلامية حتى أنشد إليها ثلاثة من كبار القوم ومن فحول الكفر دون إرادة ولا وعي ودون موعد ولا اتفاق, فلما كشفهم الصباح مرات ثلاث تعاهدوا وحلفوا على الكفر والضلالة.

ومفهوم هذا النص أنه ليس في الوجود الفكري والإصلاح الاجتماعي رجل قط غير محمد -صلى الله عليه وسلم- استطاع أن يحدث استقطابا لا شعوريا حول الدعوة والداعية إلى درجة شد الخصوم من عناقيد أفكارهم بالليل ليباتوا ثلاث ليال سويا يستمعون فيها القرآن حتى أحسوا بلذة روحانية ملكت عليهم مشاعرهم فعاودوا الكرة مرات ثلاث حتى عاودهم ما ران على قلوبهم من قبل, فأغمضوا أعينهم عن نور الحقيقة وأغلقوا قلوبهم عن دخول الإيمان.

ولقد أكسبت هذه المعارضة الدعوة الإسلامية انتشارا في البلاد والقبائل التي كانت تفد للحج كل عام.

يقول ابن هشام:

تفرقوا, فجعلوا يجلسون بسبل الناس حين قدموا الموسم لا يمر بهم أحد إلا حذروه إياه وذكروا لهم أمره، وجعلوا يقولون


١ ابن هشام ج١ ص٣١٥، ٣١٦, الخصائص الكبرى ج١ ص٢٨٥، ٢٨٦, السيرة لابن كثير ج١ ص٥٠٦، دلائل النبوة البيهقي ج١ ص٤٥٢، ٤٥٣.

<<  <   >  >>