للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتراه في غنى عظيم تأتيه الإبل موقرة بالخزائن إلى عاصمته, ويبقى مع ذلك محتاجا, ولا توقد في بيته نار لطعام الأيام الطوال, وكثيرا ما يطوي على الجوع.

ونراه قائدا عظيم يقود الجند القليل العَدد الضعيف العُدد, فيقاتل بهم ألوفا من الجند المدجج بالأسلحة الكاملة, ثم يهزمهم شر هزيمة, وتجده محبا للسلام مؤثرا للصلح, ويوقع شروط الهدنة على القرطاس بقلب مطمئن, وجأش هادئ, ومعه ألوف من أصحابه كل منهم شجاع باسل وصاحب حماسة وحمية تملأ جوانحه.

ونشاهده بطلا شجاعا يصمد وحده لآلاف من أعدائه غير مكترث بكثرتهم, وهو مع ذلك رقيق القلب رحيم رءوف متعفف عن سفك قطرة دم.

وتراه مشغولا بجزيرة العرب كلها بينما هو لا يفوته أمر من أمور بيته وأزواجه وأولاده, ولا من أمور فقراء المسلمين ومساكينهم, ويهتم بأمر العالم كله، وهو مع ذلك متبتل إلى الله منقطع عن الدنيا فهو في الدنيا وليس فيها؛ لأن قلبه لا يتعلق إلا بالله وبما يرضي الله١.

لقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسبق الناس إلى عمل ما يأمر به، يقول الشيخ الندوي:

ومن أفضل سيرته وأعلاها أنه بعدما أوحي إليه لم يأمر أتباعه وأصحابه بأمر إلا وقد سبقهم إلى العمل به٢.


١ الرسالة المحمدية ص٨٧.
٢ الرسالة المحمدية ص١٠٨.

<<  <   >  >>