ولقد رسم القرآن الكريم شروط هذه السعادة فيما بينه من قوانين تتعلق بالحياة السلوكية للفرد والأسرة والجماعة، لقد بينها الوحي بالتعبير الإلهي، في دقته وروعته، وجلاله، وبينها الرسول الكريم في تطبيق واضح وسلوك نقي وسنة مطهرة، وإذن فالدعوة الإسلامية هي مناط السعادة للناس جميعا: أفراد وأسر وجماعات ودول.
لقد ظهرت الدعوة الإسلامية في مجتمع تعج فيه الآراء الدينية، والتقاليد البشرية، فكانت الدعوة هي البلسم الشافي.
إنه في الآونة التي كانت الآراء الدينية تتصارع في جزيرة العرب قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بدعوته, وهي دعوة ربانية لم تنشأ عن تفكير إنساني شخصي، ولكنها وحي الله المعصوم, وهي معصومة لأنها وحي, إنها معصومة عن التخبط والهوى في الرأي, ومعصومة عن ضلالات الأوهام ومتاهات الخيال وانزلاق التفكير.
وأساس هذه الدعوة هو القرآن الكريم؛ إنه حبل الله المتين, والنور المبين, والشفاء النافع, وهو عصمة لمن تمسك به, ونجاة لمن اتبعه، لا يزيع من استمسك به ولا تنقضي عجائبه, ولا يشبع منه العلماء ولا يخلق عن كثرة الرد.
والدعوة الإسلامية بهذا القرآن الكريم تحمل في طياتها قيمتها الذاتية، وذلك سر انتشارها وسيادتها.
إنها تمتاز عن النصرانية المنتشرة -إذ ذاك- بنظام اقتصادي خلت منه الأنانية وبمنطق عقلي لا يوجد فيما كان من مأثور حنيذاك