للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما دام الاستعمال قديما قد جرى على اتحاد النبوة والرسالة في الماصدق والمفهوم وصح عن سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تفسيره كلمة "نبي" بمعنى "رسول", فلماذا جنح العلماء إلى المفارقة بينهما؟

ليجنح علماء الكلام١ إلى التفرقة بين الرسول والنبي بعموم وخصوص مطلق, فإنهم قد جهلوا بترك لسان العرب وميلهم إلى لسان أرسطو.

ولكن لماذ يجنح إلى هذه التفرقة علماء السيرة؟

لقد قال في السيرة الحلبية:

يا ليتني فيها جذعا, أي يا ليتني في زمن الدعوة إلى الله, أي إظهارها الذي جاء به بناء على تأخر الدعوى التي هي الرسالة عن النبوة٢.

وهو تفسير مراعي الحد المنطقي ولهذا أعاد الضمير في كلمة "فيها" إلى الدعوة ولو أنه أعاده على ما يفهم من السياق وهي المعارك التي ستدور بين النبي -صلى الله عليه وسلم- وبين الكفار, والتي يتمناها ورقة لينصر الله نصرا مؤزرا، "لكان أجود وأفضل واللغة تجريه والقرآن نفسه يسمح به في قوله تعالى: {حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاء} ٣.


١ أصول الدين أبو اليسر البزدوي ص٢٢٢، كتاب الفقه الأكبر ص٥٨.
٢ الحلبية ج١ ص٢٧٧، ٢٩٨.
٣ تفسير الطبري ج٢٣ ص١٥٥، روح المعاني ج٢٣ ص١١٢, الخازن والبغوي ج٦ ص٥٥, راجع شذور الذهب ص٣٢ تحقيق الشيخ محيي الدين.

<<  <   >  >>