للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان القائد للبشرية كلها قد أعد بعد الرسالة بمنهج خاص.

{يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ، قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا، نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا، أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا، إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا، إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا، إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا، وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} ١.

هكذا دبر الله لمحمد -صلى الله عليه وسلم- هذه الفترة التربوية يعده فيها لحمل الأمانة الكبرى بوسائل الإعداد الإلهية المضمونة، قيام الليل، ترتيل القرآن، ذكر الله ... إلخ.

فإن الاتصال بالملأ الأعلى سيستمر لتبليغ شرع الله إلى الناس كافة, وهذا الاتصال لا بد وأن تسبقه تهيئة خاصة يتم فيها التجرد المطلق لله؛ لتستوعب الروح الطاهرة فيوضات الأنس الإلهي والمدد الإلهي والصلة الإلهية، وحتى تذوب المعاني الأرضية كلها وتصفى النفس من كل صغيرة لا تتفق مع نورانية الحق وجلال الله الأكبر، كانت الأوامر الإلهية تربي سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- وتعده بمنهج تدريبي قوي يتصل فيه بالله والناس نيام, ويذكر فيه اسم ربه وقد سكن الوجود وغاب النائمون، ويرتل القرآن ترتيلا يصل بصوته النبوي أجواء الأرض بأسماع السماء.

ويمضي الرسول الكريم صلوات الله عليه وسلامه يقوم الليل إلا قليلا، ويرتل القرآن ترتيلا، ويذكر اسم ربه بكرة وأصيلا حتى جاءه الحق بتنفيذ الوظيفة.

{يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ، قُمْ فَأَنْذِرْ} .


١ الآيات من رقم ١-٨ من سورة المزمل.

<<  <   >  >>