للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا الضيق المستحكم من البشر تعلن أنها "للناس كافة" فتلك طبيعتها وحقيقتها وأبعادها التي يحددها القرآن في أسلوبين منذ الأيام المبكرة في ظل الكعبة المشرفة:

أسلوب الأمر بالتبليغ.

وأسلوب الأدلة والنصوص.

وهي هكذا شاملة لجنس البشر؛ لأنها قانون الله له لا تعرف وطنا ولا قوما ولا لغة ولا مناخا ولا إقليما. لا تعرف إلا الكرة الأرضية تملكها لتكون كلها في طاعة الله كقانون يجب أن يسود ويطبق في حياة الإنسان أي إنسان على هذه الأرض؛ لأنه واحد من هذا الكون الذي يسير وفق قوانين ربانية لا يحيد عنها إلا بإرادة الله يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات.

هكذا أرادها الله وهكذا اتجهت الدعوة منذ أيامها الأولى, وكذلك تتجه في كل عصر ووطن إلى آخر الزمان, وحتى يرث الله الأرض ومن عليها.

والله وحده الذي أرادها هكذا, وهو صاحبها وراعيها, وهو وحده المدافع

عنها وحاميها, وقد بدأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- التبليغ العام بالهجرة إلى الحبشة وينبغي أن نتصور الأمور هنا بمقاييس الزمن الذي كانت تقع فيه الأحداث لا بمقاييس العصر الحاضر.

لقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعلم أن الله قد هيأ لدينه أناسا وأن النجاشي رجل لا يظلم أحد عنده, وأنه يؤمن بأن عيسى نبي

<<  <   >  >>