للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومع قسوة العذاب والتنكيل التي شنها أعداء الدعوة في عهدها المكي كان القرآن دائما يحرص على الوصية بالموعظة الحسنة, يقول الله تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} ١.

فليس للداعية أن يرد بالسيئة إذ لا تستوي آثار السيئات وآثار الحسنات، كما لا تستوي كذلك قيمة كل منهما، فإن الصبر والتسامح والاستعلاء على رغبة النفس في مواجهة الشر بمثله قد يرد النفوس الجامحة إلى الهدوء والثقة فتنقلب من الخصومة إلى الولاء، ومن الجماح إلى اللين، وكم تصدق هذه القاعدة فينقلب الهياج إلى وداعة, والغضب إلى سكينة, والتبجح إلى حياء؟

إن الكلمة الطيبة تبقى قاعدة, وأسلوبا في تبليغ الدعوة ترد بنبرتها الهادئة وبسمتها الحانية غاضبا متبجحا مفلوت الزمام.

فإن لم ترده هذه الكلمة الطيبة, فقد بقي للدعوة أنها كانت, ولا تزال تحب له الخير غير أنه هو الذي لا يريد لنفسه ذلك.

وبالموعظة الحسنة يظهر للدعاء أن هدفهم هو حب الخير للناس بهذا الدين وحماية مستقبلهم في الدنيا والآخرة من الضنك والضياع, ثم يظهر لمعارضي الدعوة أو معارضي الخير لأنفسهم سؤال:

لم لا يرد الدعاة السيئة بمثلها وهم قادرون عليها؟


١ من الآية رقم ٢٤ من سورة فصلت.

<<  <   >  >>