للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإن من استعمل الجدال مع أهل الجدال لا بالطريق الأحسن كما تعلم من القرآن كان كمن غذى البدوي بخبز البر, وهو لم يألف إلا التمر، أو البلدي بالتمر، وهو لم يألف إلا البر١.

وهو تصنيف مقبول من جانب إذا نظرنا إلى الأساليب الثلاثة مجزأة، الحكمة والموعظة الحسنة، والجدال بالتي هي أحسن، ولكن إذا نظرنا إلى أحوال الشخص الواحد, وأنه قد تعتريه حالات ثلاث:

حالة الفطنة.

وحالة الوجدان والعاطفة.

وحالة الكبرياء والذاتية.

أدركنا أن هذه الأساليب الثلاثة تصح لرجل واحد قد يكون في حالة تستدعي الخطاب بالحكمة, أو تستدعي الخطاب بالموعظة الحسنة، أو تستدعي الخطاب بالجدال بالتي هي أحسن.

وقد استخدم النبي -صلى الله عليه وسلم- هذه الأساليب مع مفاوضي قريش.

ففي المرة الأولى قرأ عليهم آيات فصلت.

وفي المرة الثانية قال لهم واعظا ومجادلا بالتي هي أحسن: "ما جئت بما جئتكم به أطلب أموالكم, ولا الشرف فيكم, ولا الملك عليكم


١ القسطاس المستقيم ص١١، ١٢.

<<  <   >  >>