للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكريم، أنه لا يتأتى مطلقا أن يبشر السابقون من الأنبياء بنبوة محمد -صلى الله عليه وسلم- ويعلن ذلك المنصفون من أهل الكتاب ثم ندعي تجاهلا أو تعسفا أو استعلاء بالعقل: إن الرسالة الإسلامية فاجأت المجتمع الإنساني.

وقد كان لها عند اليهود قدر عظيم، وعند النصارى قسمات معروفة، وعند الروم علامات، وعند الحبشة دلائل، وفي العرب إجماع بامتياز محمد -صلى الله عليه وسلم- خلقيا على جميع أبناء المجتمع قاطبة.

بل لقد هيأه الله جل شأنه لهذه الرسالة، وانتظرها الفطريون من الحنفاء، وأهل الذكر والمعرفة من الباحثين، كما ثبت أن الأحبار والرهبان والملوك والعظماء كانوا يتناقلون هذه الأخبار ويبحثون عن مولد هذا الدين الحنيف، وقد عاد زيد بن عمرو بن نفيل ليلحق به فمات دونه، وأرادها أمية لنفسه فضل لهواه، فثبت كذلك أن الاصطفاء منحة ربانية يهبها الله لمن يشاء من عباده: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ} ١, {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} ٢.

وقد وهبها الله لحبيبه محمد -صلى الله عليه وسلم- على تهيؤ بها دون ترقب وإن ظهرت بوادرها له فليست من رياضاته لاكتسابها بل سبقت له علامة من مانحها جل شأنه بعد أن هيأه الله فعشق أنوارها


١ من الآية رقم ٧٥ من سورة الحج.
٢ من الآية رقم ١٢٤ من سورة الأنعام.

<<  <   >  >>