للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتبدو كذلك آثار التوحيد في التصورات كما تبدو في السلوك، فلا تبدو عقيدة التوحيد كلمة تقال باللسان بل تصير حالا للمرء في تفكيره وسلوكه وقلبه وعقله وجميع أنماط تصرفاته١.

وقد أعلنها القرآن كذلك فيما يتعلق بالنبي -صلى الله عليه وسلم- {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ} وقيمة هذا الإعلان كبيرة جدا؛ لأنها تحوي أصلا لمفهوم التدين وهو الخضوع الكامل والاستسلام التام لجناب الله الأعظم.

إن قيمة هذا الإعلان في تجريد العقيدة من كل شائبة، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- وهو المصطفى من عند الله هو في هذا المقام عبد لله وفي مقام العبادة يقف العبيد كلهم حسب مراتبهم الأمثل فالأمثل, وترتفع ذات الله سبحانه وتعالى متفردة فوق الجميع, وعندئذ تتميز العبودية عن الألوهية فلا يختلطان ولا يشتبهان، وتتجرد صفة الله الأحد الصمد بلا شريك ولا شبيه ولا ند، وحين يقف سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- في مقام العبودية لله وحده، وهو من هو في تاريخه الطويل الحافل بالقمم الشريفة من الأخلاق، تتلاشى مخترعات الذين أشركوا وتنمحي دعوى شفاعة الأصنام والملائكة ويبقى مفهوم التدين خالصا {قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي} ، ليس فيه خلط ولا تشابه، فقد وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا


١ راجع الإسلام والإيمان ص٢١٩-٢٢١ في ظلال القرآن ج٢٤ ص١٠ راجع الإسلام والعقل ص١٠٠, راجع المصطلحات الأربعة في القرآن ص١١٥.

<<  <   >  >>