للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٧- عيسى بن مريم:

وفي خضم نفي أسطورة الولد يصحح القرآن التصور عند أهل الكتاب فيما يتعلق بعيسى١. يقول الله تعالى:

{ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ، مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ، وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ} ٢.

لقد نطق عيسى ابن مريم بنفسه وبحالته: {مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ} , {وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ} , فلم يبق من بعده مجال للأساطير والأوهام، وبتلك التنقية تبدو عالمية الدعوة الإسلامية في مكة بالموضوع, إنها ليست عقيدة لجنس خاص، ولا دعوة لطائفة من الناس، ولكنها إنهاء لسلطة الأساطير البشرية وإحلال للإيمان الإسلامي في الصدور والسلوك، فهي نقلة من عالم الحيوان الذي يعيش فيه البشر إلى عالم الإنسانية الذي يقدس فيه الناس ربهم، وقد حمل هذه العقيدة جعفر بن أبي طالب والذين هاجروا معه إلى الحبشة, فصادفت موقعا ملائما حيث كانت العقيدة عند النجاشي كذلك، فكان ذلك اللقاء دليلا واضحا على عالمية الدعوة بالموضوع, وهو الهدف الرئيسي لها "لا إله إلا الله" كمنهج للعقل والقلب والسلوك والوجدان.


١ راجع مناقشة قريش للرسول -صلى الله عليه وسلم- في شأن عيسى عليه السلام في سيرة ابن هشام ج١ ص٣٥٩، ٣٦٠.
٢ الآيات من رقم ٣٤-٣٦ من سورة عيسى.

<<  <   >  >>