للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الناس للناس، وأساس العبودية في كلتا الحالتين هو الخضوع والتشريع.

وعبودية الناس جميعا لله وحده تكون بتلقيهم منه وحده العقيدة والشريعة والأخلاق وموازين التعاشر الاجتماعي.

{ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ، إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ} ١.

والإسلام بهذا المفهوم هو تكريم للإنسان وتحرير له من سلطة الإنسان المتجبر، والدعوة الإسلامية في مكة قد حوصرت, وسُد في وجهها الطريق, فكان لا بد من بحث عن قاعدة جديدة تنتقل إليها الجماعة التي حققت العبودية لله، وكان لا بد من التأكد من سلامة كل أفراد الجماعة وصلاحيتهم لهذه النقلة التي ستنشئ منهاجا جديدا في مواجهة أعداء الله حتى تنفذ مراحل الدعوة مستقبلا في جو مأمون من الاضطراب بعيد عن التهم منزه عن المطاعن، فكان لا بد من اختيار المسلمين عامة في مكة من أجل انتخاب القيادة الراشدة التي ستنقل مع النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة المنورة، وكانت مادة الامتحان من نوع غريب يقصد إلى إبراز مدى إيمان الفرد المسلم ومقدار تمسكه بدينه, لقد كانت غاية هذا الامتحان هي التعرف على مدى استسلام الوجه لله من كل فرد، واختبار عقله ووجدانه إلى أي مدى يستجيب للنص المعصوم, فكان حادث الإسراء والمعراج


١ الآيتان رقم ١٨ و١٩ من سورة الجاثية.

<<  <   >  >>