الحوادث، إيمان بصدق الرسول صلوات الله وسلامه عليه في كل ما يأتي به, يصدقه بمجرد إنبائه، والمثل الأعلى في كل ذلك إنما هو سيدنا أبو بكر -رضي الله تعالى عنه- حينما يعلن في غير تردد ولا فتور:
لئن كان قاله فلقد صدق؟ فما يعجبكم من ذلك؟ فوالله إنه ليخبرني أن الخبر ليأتيه من السماء إلى الأرض في ساعة من ليل أو نهار, فأصدقه فهذا أبعد مما تعجبون منه١.
لقد كان حادث الإسراء والمعراج محور تمحيص للصادقين في إيمانهم والسطحيين في تصورهم لحقيقة الإيمان، فإن من صدق بنبوة سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- فقد آمن باتصاله بالوحي، والقرآن يأتي من عند الله يحمله الوحي، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يتلوه على الناس ويخبرهم بأن هذا القرآن من عند الله سبحانه وتعالى, والذين آمنوا يصدقون ذلك مع أنهم لا يرون وحيا ينزل ويصعد، ولكنهم يرون آثاره على النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يتفصد عرقا في اليوم الشديد البرد ويسمعون بعد ذلك قرآنا تنجذب إليه نفوسهم, وتقشعر له جلودهم وتلين له قلوبهم، ومقتضى هذا إذن الإيمان بالنبوة وبالوحي, وهذا يستلزم الاعتقاد بأن هناك صلة عليا خارقة للعادة بين النبي -صلى الله عليه وسلم- وبين ربه جل وعلا، وإذن
١ راجع الإسراء والمعراج سلسلة البحوث الإسلامية ص١٣٣، ١٣٤. الرسول -صلى الله عليه وسلم- لمحات من حياته ونفحات من هديه سلسلة البحوث الإسلامية ص١٢٢، ١٢٣، راجع تفسير البيضاوي ج٤ ص٣.