للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نبهتهم إلى أنه ليس من المنطق أن يكون الإلف، وأن تكون العادة، أو العرف مقاسا للحق، فليس من المنطق إذا قيل لهم: {اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ} أن يقولوا: {بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا} .

لأنه من الجائز أن يكون آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون.

وليس من المنطق أن يقولوا: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} .

ثم أضاف الإسلام إلى ذلك تقدير المسئولية الفردية ليجتث بذلك كل محاولة من الفرد لإلقاء التبعة على الجماعة أو على البيئة أو على الآباء والرؤساء.

{أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى، وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} ١.

{فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} ٢.

ومن ثم فقد آثار القرآن الكريم شعورهم نحو الإحساس بهذه المسئولية فإن فردية التبعة ذات أثر حاسم في الشعور الأخلاقي وفي السلوك العملي، فشعور كل فرد بأنه مجزي بعلمه لا يؤاخذ بكسب غيره ولا يستطيع هو أن يتخلص من كسبه، لهو عامل قوي في يقظة


١ الآيتان ٣٨، ٣٩ من سورة النجم.
٢ الآيتان ٧، ٨ من سورة الزلزلة. راجع التفكير الفلسفي في الإسلام ص٥٢.

<<  <   >  >>