للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فالدعوة إلى الله من الأعمال الشريفة الجليلة التي أناطها الله سبحانه وتعالى بالرسل وبرسولنا - صلى الله عليه وسلم -، فأكرمه وجعل دعوته عامة للناس، وفضّله على سائر الأنبياء. ومن إكرام الله سبحانه وتعالى لهذه الأمة ونعمته عليها أن جعلها خير أمة تدعو إلى الله، وهذا دليل على تشريف هذه الأمة {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [آل عمران: ١١٠].

يقول الأستاذ عبد الكريم زيدان تعليقًا على هذه الآية: "إنها أفادت معنيين:

أ- خيرية هذه الأمة.

ب- أنها حازت هذه الخيرية لقيامها بوظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وهي وظيفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والرسل قبله. ثم يقول: وأول ما يدخل في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الدعوة إلى الله وحده والبراءة من الشرك بأنواعه. ونرى القرآن الكريم جعل من صفات المؤمنين الدعوة إلى الله بخلاف المنافقين الذين يصدون عن سبيل الله" (١).

وقال تعالىِ: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [التوبة: ٧١] وقوله تعالى: {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ} [التوبة: ٦٧].

وها هو القرطبي (٢) رحمه الله يقول في تفسيره عن الآيتين السابقتي الذكر: جعل الله سبحانه وتعالى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرقًا بين المؤمنين والمنافقين، فدل هذا على أن أخص أوصاف المؤمن: الأمر


(١) أصول الدعوة ص ٣٠٠ عبد الكريم زيدان.
(٢) هو محمد بن يوسف أبو عبد الله القرطبي، ولد سنة ٥٥٨ هـ، ومات في مصر سنة ٦٣١ هـ، كان إمامًا صالحًا زاهدًا حاذقًا بفنون العربية، وله يد طولى في التفسير والحديث. انظر (طبقات القراء للذهبي ٢/ ٥١٠ طبقات المفسرين ٢/ ٢١٦).

<<  <   >  >>