فأما الأصم فيقول: رب قد جاء الإِسلام وما أسمع شيئًا.
وأما الأحمق فيقول: رب قد جاء الإِسلام والصبيان يخوفونني بالبحر، وأما الهرم فيقول: لقد جاء الإِسلام وما أعقل شيئًا. وأما الذي مات في الفترة فيقول: رب ما أتاني كتاب ولا رسول. فيأخذ مواثيقهم ليطيعنّه فيرسل إليهم أن ادخلوا النار. فوالذي نفس محمَّد بيده لو دخلوها لكانت عليهم بردًا وسلامًا. وفي رواية:"ومن لم يدخلها سُحب إليها".
وبعد أن أفاض في هذه المسألة واستوفى أدلتها قال:"وبعد التأمل والنظر أرى أن أقرب الأقوال إلى الصواب هو القول الثالث وهو أن أهل الفترة يُمتحنون".
ثم تحدث عن الملحقين بأهل الفترة من أطفال المشركين والمجانين وذوي العاهات. وأشار إلى نظرة الإِسلام إليهم وأقوال العلماء وأدلتهم. ثم رجح القول أنهم في الجنة.
وتضمن الباب الثالث: حكم من لم تبلغهم الدعوة المحمدية وعلى من تقع مسؤولية عدم تبليغهم. وما هي الطرق التي تؤدي إلى إيصال الدعوة إلى جميع الناس مؤيدًا كل ذلك بالدليل الواضح من الكتاب والسنة وأقوال الأئمة.
وأشار إلى أن خيرية هذه الأمة تكمن في قيامها بوظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الله وحده، والبراءة من الشرك بألوانه وأنواعه، والواجب على كل مسلم أن يقف على ثغرة من ثغور الإِسلام.
وحين سُئل الإِمام ابن تيمية عن قوله تعالى:{قل هذه سبيلي} فقال الدعوة واجبة على كل من اتبع هذا الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهم أمته، وعليهم أن يدعوا إلى الله كما دعا النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وهذا الواجب واجب على مجموع الأُمة، وهو فرض كفاية إذا قام به