وقال تعالى:{وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ}[محمد: ٣٨] فجميع الخلق هم بحاجة إلى هدايته حتى يتخلصوا من هذا التيه والضياع الذي يعيشون فيه قبل إرسال الرسل.
وليعلم أن العقل من غير وحي يقودُه لا يصلح لهداية البشر، بل لابدّ له من نعمة من الله. وهذه النعمة هي إرسال الرسل إلى هذه البشرية الحائرة، التي هي في أمسِّ الحاجة إلى هداية الله حتىِ تعرف الطريق السوي وتعرف شرع الله. حينئذ تصبح الرسالة أمرًا لازمًا للبشرية جمعاء وحاجةً ملحّةً لها، كي تخرجها من هذا الضياع الذي دمّرها وقضى عليها، والفوضى التي عاشتها، وهي لا تعرف كيف تشق طريقها في هذا التيه فجاءت الرسالة هاديةً مرشدةً للحيارى والتائهين، معلنة لهم انقشاع هذا الضلال والظلام وإخراج الناس من عبودية العباد إلى عبودية رب العباد.
فقد أصبح من المحال أن يعيش الناس بغير دين. وأصبح من الضروري أن يحكِّموا شرع الله وأن يردُّوا أمرهم إلى المنهج الرباني الذي هو من لدن حكيم خبير، الذي لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء قال تعالى:{وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ}[هود: ٦].
وقال تعالى:{أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}[الملك: ١٤].