للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

"إن عموم الرسالة المحمدية وبقاءها وعدم قابليتها للنسخ والتبديل والتغيير بالتنقيص أو الزيادة، كل ذلك يستلزم عقلًا وعدلًا أن تكون قواعدها وأحكامها وجميع ما جاءت به على نحو يحقق مصالح الناس في كل عصر ومكان، ويفي بحاجتهم ولا يضيق عنها ولا يتخلف عن توجيه أي مستوى عال يبلغه المجتمع البشري. إن هذا والحمد لله متوافر في الشريعة الإِسلامية, لأن الله سبحانه وتعالى وهو العليم الخبير إذ جعلها عامة في كل زمان ومكان وخاتمة لجميع الشرائع جعل قواعدها وأحكامها صالحة لكل زمان ومكان ومهيأة للبقاء والاستمرار. لهذا العموم إن ما نقوله هو الحق ويدل عليه واقع الشريعة الإِسلامية وطبيعة مبادئها وأحكامها وأفكارها ومناهجها" (١).

إن في الرسالة المحمدية ميزات جعلتها عالمية، فالرسالة منذ أن انبثقت في قلب الجزيرة العربية وهي تحمل العقيدة الصحيحة والإخاء والمساواة، جاءت هذه الرسالة لتعالج قضية الإِنسان بصرف النظر عن شكله أو جنسه أو لغته، فرسالة الإِسلام أرجعت البشرية إلى أصل نشأتها الأولى من أب واحد وأم واحدة فساوت بينهم، لا فرق بين عربي وأعجمي إلا بالتقوى قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: ١٣].

فالإِسلام أبرز كرامة الإِنسان وجعلها في واقع الحياة سواسية كأسنان المشط الواحد، لم يميز بين هذا وذاك بلون أو جنس أو قبيلة، فقال في العصبية الممقوتة "دَعُوها فإنها منتنة" (٢).


(١) أصول الدعوة للدكتور عبد الكريم زيدان ص ٥٥.
(٢) أخرجه البخاري انظر فتح الباري ٨/ ٦٤٨ كتاب التنصير باب سواء عليهم.

<<  <   >  >>