وكمال الرسالة وعموميتها تقتضي استمرارها في كمالها وسموِّها سليمة بعيدة عن التحريف، محافظة من الضياع، سالمة من النقص, لأن الرسالة قد وصلتنا كما هي وكما أنزلت على خاتم الرسل والنبيين؛ فكان من حق الأجيال علينا أن ننقلها إليهم كاملة صحيحة حتى نلزمهم الحجة ويتحملوا تبعات التكليف ومسؤوليات الرسالة ونتائج العمل من ثواب وعقاب نتيجة وصول التكليف إليهم بصورة صحيحة سليمة، فالله سبحانه وتعالى يقول:{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا}[الإسراء: ١٥].
وهدف المسلمين في هذه الحياة أن يحققوا معنى العبودية لله سبحانه وتعالى قيامًا بأعباء الاستخلاف في الأرض وتعمير الكون، وسيادة منهجه فيه، وأداء الأمانة المسؤولية التي حملها الإِنسان بعد أن أبَتِ السموات والأرض والجبال أن يحملنها وأشفقن منها {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ}[الأحزاب: ٧٢].
ومن هنا كانت أهمية هذا الكتاب عن "أهل الفترة" وهو بحث نال به مؤلفه درجة الماجستير في جامعة الإِمام محمَّد بن سعود الإِسلامية في الرياض.
وأهمية هذا الكتاب في أنه يلبي حاجة ماسّة في الفقه الإِسلامي المعاصر، وفي المكتبة الإِسلامية، فالمسلمون اليوم -وبعد أن زالت الفوارق بين الأمم والشعوب بفضل وسائل الإِعلام والتطور في مجال النقل والمواصلات- يواجهون بمشكلات مختلفة يحتاجون لرأي الإِسلام فيها ووضوح الرؤية في شأنها، ومن هذه المشكلات مشكلة الذين لم تصلهم الدعوة؛ ما مصيرهم؟ وما حكمهم؟.
وقد أشار الباحث إلى الأسباب التي دعته للكتابة في هذا الموضوع، فذكر جدة الكتابة فيه، حيث لم يفرد الموضوع ببحث مستقل أو كتاب يتناوله بالتفصيل، إضافة إلى اختلاف آراء الفقهاء في مصير من لم تصلهم