للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بعد أن أشهدهم على أنفسهم، وقد أقروا بتلك الشهادة واعترفوا أن الله سبحانه وتعالى أرسل إليهم رسلًا يبلغونهم آيات ربهم وينذرونهم لقاءه يوم القيامة، وأهل الفترة لم تأتهم رسلٌ لذا فهم في الجنة.

٦ - قوله تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ} [القصص: ٥٩].

ووجه الدلالة أن الله سبحانه وتعالى لا يظلم أحدًا من خلقه، فلا يمكن أن يعذب أمة دون أن يرسل إليها رسولًا فتكذبه فتكون ظالمة بهذا التكذيب؛ وعندئذ تستحق عقاب الله تعالى لها بإهلاكها.

وأهل الفترة لم تأتهم رسل ولم يكذبوا الرسل, لذا فهم معذورون ولا يستحقون عقاب الله، فهم في الجنة.

٧ - قوله تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [المائدة: ١٩].

ووجه الدلالة، أن الله سبحانه وتعالى أخبر أهل الكتاب بأنه قد أرسل إليهم رسولًا يبيِّن لهم أمور دينهم ويحذِّرهم. من عقابه إن عصوه، وقد قامت الحجة عليهم. وأهل الفترة معذورون حيث لم يأتهم رسول لذا فهم غير مؤاخذين، فهم في الجنة.

ومن الأدلة التي استدلوا بها أن كلمة "كلما" التي في قوله تعالى: {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ} تفيد العموم.

يقول أبو حيان (١) في البحر المحيط: "إن لفظة (كلما) تدل على


(١) هو محمد بن يوسف بن حيان، الإمام أبو حيان الأندلسي، ولد بمطقشاش "مدينة قريبة من غرناطة" سنة ٦٥٤ هـ ومات في القاهرة سنة ٧٤٥ هـ نحوي لغوي مفسر محدث مؤرخ، =

<<  <   >  >>