للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فيقول: لا وعزتك لا أسألك غيره، فيعطي الله ما شاء من عهود ومواثيق أن لا يسأله غيره، فيقربه إلى باب الجنة، فإذا رأى ما فيها سكت ما شاء الله أن يسكت ثم يقول: رب ادخلني الجنة. ثم يقول أو ليس قد زعمت أن لا تسألني غيره، ويلك يا ابن آدم ما أغدرك، فيقول يا رب لا تجعلني أشقى خلقك، فلا يزال يدعو حتى يضحك، فإذا ضحك منه أذن له بالدخول، فإذا دخل فيها قيل له: تمنَّ من كذا، فيتمنى، ثم يقال له: تمنَّ من كذا فيتمنى حتى تنقطع به الأماني، فيقول له هذا لك ومثله معه" (١).

ووجه الدلالة في هذا الحديث الشريف أن الله سبحانه وتعالى عندما أخذ العهود والمواثيق عليه ألا يسأله غير الذي يعطيه، فخالف تلك العهود والمواثيق وغدر بها، بسؤاله بعد ذلك.

فإن الله تعالى قد كلف هذا العبد وذلك بأخذ المواثيق والعهود منه وهذا تكليف واضح.

ح- وحديث الصراط الذي هو جسر جهنم أحدّ من السيف وأدقّ من الشعرة، يمر المؤمنون عليه كل حسب عمله، فمنهم كالبرق وكالريح المرسلة وأجاويد الخيل والراكب منهم والساعي، ومنهم المكدوش ومنهم الماشي، ومنهم من يحبو حبوًا (٢).

يقول ابن عباس: "هو يوم كرب عظيم" (٣)، وذكر القرطبي في التذكرة: "هو مقام هائل يمتحن الله به عباده ليميز الخبيث من الطيب" (٤)، ويقول الطيبي (٥): "لا يلزم من أن الدنيا دار بلاء، والآخرة دار جزاء أن لا


(١) أخرجه البخاري انظر (الفتح كتاب الرقائق -باب الصراط ١١/ ٤٥٨).
(٢) أخرجه الحاكم على شرط الشيخين ولم يخرجاه ٤/ ٥٩٠.
(٣) فتح الباري ٨/ ٦٦٤.
(٤) التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة ١/ ١٩٨.
(٥) الطيبي: هو الحسين بن محمَّد بن عبد الله الطيبي، من علماء الحديث والتفسير والبيان، كانت له ثروة طائلة من الإرث والتجارة فأنفقها في وجوه الخير، كان شديد الرد على =

<<  <   >  >>