للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

١٢ - واستدلوا بالعقل: فقالوا لو كان يصح تعذيب أطفال المشركين لكان تعذيبهم:

أ- إما مع تكليفهم بالإِيمان.

ب- أو بدون تكليف.

فالأول: محال لاستحالة تكليف من لا تمييز له ولا عقل.

وأما الثاني: فيمتنع أيضًا للنصوص التي ذكرنا من أن الله سبحانه وتعالى لا يعذب أحدًا إلا بعد قيام الحجة عليه.

ثم لو كان تعذيب أطفال المشركين لعدم الإِيمان وهو المانع من العذاب لاشترك معهم أطفال المسلمين لاشتراكهم في عدم الإِيمان الفعلي علمًا وعملًا. ثم لو قيل بأن أطفال المسلمين تبع لآبائهم بخلاف أطفال المشركين قلنا إن الله لا يعذب أحدًا بذنب غيره قال تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: ١٦٤].

القول الثاني: أنهم في النار. قال به الأزارقة من الخوارج (١). واختاره القاضي أبو يعلى (٢) وذكر أنه منصوص عن الإِمام أحمد وهو غلط عليه، وهو قول لجماعة من المتكلمين وأهل التفسير (٣).

واستدلوا بما يأتي:

١ - قوله تعالى: حكاية عن نوح عليه السلام {رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى


(١) طريق الهجرتين ومفتاح السعادتين لابن القيِّم ص ٦٨٣ والفصل في الملل والأهواء والنِحَل لابن حزم ٤/ ٧٢.
(٢) هو محمَّد بن الحسين بن محمَّد، ويكنى بأبي يعلى، ولد سنة ٣٨٠ هـ، كان يسمع الحديث ولم يضيع شيئًا من وقته بل صرفه في طلب العلم، كان أصوليًا محدثًا جمع إمامة الصدق والفقه، له عدد من التصانيف توفي رحمه الله سنة ٤٥٨ هـ. انظر (الفتح المبين في طبقات الأصوليين ١/ ٢٤٥).
(٣) الفتاوى لابن تيمية ٢٤/ ٣٧٢. وطريق الهجرتين لابن القيِّم ص ٦٧٧.

<<  <   >  >>