للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقال تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ} [الروم: ٣٠].

وجاء في الحديث: "كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهوِّدانه أو ينصِّرانه أو يمجِّسانه" (١).

وجاء في حديث آخر: "وإني خلقت عبادي حنفاء كلهم وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرمَتْ عليهم ما أحللتُ لهم" (٢) الحديث.

قال ابن كثير: "إن الله سبحانه وتعالى استخرج ذرية بني آدم من أصلابهم شاهدين على أنفسهم أن الله سبحانه وتعالى ربهم ومليكهم وأنه لا إله إلا هو سبحانه وتعالى فطرهم وجبلهم على الإِسلام" (٣).

فالتوحيد ميثاق معقود بين البشر وخالق البشر منذ تكوينهم الأول، فلا حاجة لهم في نقض الميثاق حتى ولو لم يبعث إليهم الرسل يذكِّرونهم ويحذِّرونهم، لكن رحمته وحدها اقتضت أن لا يكلهم إلى فطرهم هذه، فقد تنحرف، ولا يكلهم إلى عقولهم التي أعطاها لهم فتضلّ، وأن يبعثَ إليهم رسلًا مبشِّرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل" (٤).

حتى توالت عليهم الأيام والأزمان فوقعوا فيما وقعوا فيه من الشرك ففسدت فطرهم، وأخذوا يشركون بالله سبحانه وتعالى وحاشاه عما يصفه به المشركون.

يقول ابن عباس رضي الله عنهما: "كان الناس على التوحيد مدة عشرة قرون، وكانوا كلهم على الإِسلام، وكان أول ما عُبدت الأصنام أن قومًا صالحين ماتوا، فبنى قومهم عليهم مساجد وصوروا صور أولئك فيها


(١) أخرجه البخاري انظر (الفتح ٣/ ٢٤٦ - كتاب الجنائز- باب أطفال المشركين).
(٢) أخرجه مسلم انظر (النووي ١٧/ ١٩٧).
(٣) تفسير القرآن العظيم ٢/ ٢٦١ ابن كثير.
(٤) في ظلال القرآن ٣/ ١٣٩١ سيد قطب -طبعة الشروق.

<<  <   >  >>