ليتذكروا حالهم وعبادتهم فيتشبهوا بهم. فلما طال الزمان جعلوا أجسادًا على تلك الصور، فلما تمادى الزمان عبدوا تلك الأصنام وسمَّوها بأسماء أولئك الصالحين ودًّا وسواعًا ويغوثَ ويعوقَ ونسرًا، فلما تفاقم الأمر بعث الله سبحانه وتعالى -وله الحمد والمنة- نوحًا يأمرهم بعبادة الله سبحانه وتعالى" (١).
فهذا الأثر الذي ينقله ابن كثير عن ابن عباس يدل على أن الشرك طارئ وحادث والأصل في الإِنسان التوحيد والإِيمان.
فعندما فسدت الفطر وخلت العقول، وتاهت في متاهات الضلال والجهل والخرافات أرسل رسله وأنبياءه إلى أقوامهم كل رسول إلى قومه، وأرسل نبيّنا محمدًا - صلى الله عليه وسلم - إلى البشرية جمعاء فبلّغ الرسالة وأدّى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده، وكان لهذه الدعوة الحظ الوافر من الاتساع والانبساط على سطح الكرة الأرضية بفضل الله الذي تكفل بحفظ هذه الدعوة وجعلها باقية إلى ما شاء، ثم بفضل الدعاة المخلصين الذين أخلصوا النية لله منذ ولادة هذه الدعوة.
وهنا نصل إلى البحث في حكم وجود أقوام لم تبلغهم الدعوة، أو بَلَغَتْهم ولكن بَلَغَتْهم مشوهةً عن طريق الإِرساليات النصرانية الحاقدة على الإِسلام وأهله، والمستشرقين من اليهود، فشوّهوا الإِسلام تشويهًا حيث تنفر منه النفوس وهم عندما يقومون بهذا العمل الخبيث قصدوا إبعاد هذه الجماعات عن هذا الدين وصدِّهم عنه.
فعلى سبيل المثال يذكر الأستاذ "إبراهيم النعمة" في رسالته "الإِسلام في إفريقيا الوسطى": "ترك المبشرون في الكاميرون وأذاعوا بينهم أن المسلمين إذا مرض أحدهم قاموا عليه فذبحوه، ثم سلخوا جلده ليستفيدوا منه في عمل التمائم التي تعلق على الناس والدواب.