للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٧- الفقه الأكبر:

أطلق الفقه في الاصطلاح الأقدم على ما هو أعم من علم الفروع، بحيث يشمل الأصول والفروع، وعن هذا المعنى عبر الإمام أبو حنيفة رحمه الله حين قال: "الفقه: معرفة النفس مالها وما عليها"، وذلك من كل ما تنتفع به وتتضرر في الآخرة، من الاعتقادات والأعمال والأخلاق ونحو ذلك، ثم لما أراد أبو حنيفة رحمه الله تمييز الاعتقادات عن غيرها، جاء بهذا الاصطلاح الذي لم يسبق إليه في التعبير عن التوحيد فسماه الفقه الأكبر، تمييزا له عن الأصغر وهو فقه الفروع.

وفي تعليل هذه التسمية يقول عبد العزيز الحنفي: "سمي بالفقه الأكبر؛ لأنه أكبر بالنسبة للأحكام العملية الفرعية التي تسمى الفقه الأصغر؛ ولأن شرف العلم وعظمته بحسب المعلوم، ولا معلوم أكبر من ذات الله تعالى وصفاته الذي يبحث فيه هذا العلم، لذلك سمي الفقه الأكبر"١.

وقال أبو حنيفة: "الفقه الأكبر في الدين أفضل من الفقه في العلم، ولأن يتفقه الرجل كيف يعبد ربه، خير له من أن يجمع العلم الكثير"٢.

التطور التاريخي لتدوين علم التوحيد:

لعله من المناسب قبل مغادرة هذه النقطة تلخيص ما سبق، وإلقاء أضواء على التطور التاريخي لظهور هذه المصطلحات.

فلا ريب أن مصطلحي الإيمان والفقه الأكبر قد ظهرا في القرن الثاني وبرزا، واستمر مصطلح الإيمان في الذيوع خلال القرن الثالث حيث برز مصطلح السنة،


١ كشف الأسرار على أصول البزدوي للإمام عبد العزيز البخاري الحنفي "١/ ٨".
٢ نظم الدرر في شرح الفقه الأكبر للقاضي عبيد الله الحنفي ص٢٨.

<<  <   >  >>