للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الخامس: فضل علم التوحيد]

يقصد بفضل علم التوحيد مزيته وقدره الزائد على غيره من العلوم، وما ثبت في منزلته من فضيلة، وإذا كانت العلوم الشرعية كلها فاضلة لتعلقها بالوحي المطهر، فإن علم التوحيد في الذروة من هذ الفضل العميم، حيث حاز الشرف الكامل دون غيره من العلوم، وذلك يظهر بالنظر إلى جهات ثلاث: موضوعه، ومعلومه، والحاجة إليه.

فضله من جهة موضوعه:

- من المتقرر أن المتعلق يشرف بشرف المتعلق، فالتوحيد يتعلق بأشرف ذات، وأكمل موصوف، بالله الحي القيوم، المتفرد بصفات الجلال والجمال والكمال، ونعوت الكبرياء والعزة، لذا كان علم التوحيد أشرف العلوم موضوعا ومعلوما، وكيف لا يكون كذلك وموضوعه رب العالمين، وصفوة خلق الله أجمعين، ومآل العباد إما إلى جحيم أو إلى نعيم، ولأجل هذا سماه بعض السلف الفقه الأكبر.

- وتحيق التوحيد هو أشرف الأعمال مطلقا، ففي الصحيح من حديثه صلى الله عليه وسلم: "أفضل الأعمال عند الله: إيمان لا شك فيه" ١، أو سئل النبي صلى

الله عليه وسلم: أي العمل أفضل؟ فقال: "إيمان بالله ورسوله" ٢.

وهو موضوع دعوة رسل الله أجمعين، قال الإمام ابن القيم رحمه الله: "وجميع الرسل إنما دعوا إلى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: ٥] ، فإنهم كلهم دعوا إلى توحيد الله وإخلاص عبادته من أولهم إلى آخرهم، فقال نوح لقومه: {اعْبُدُوا اللَّهَ مَا


١ أخرجه أحمد "٧٤٥٩" "٨٣٧٤" "٩٤٠٧" "١٠٣٧٨"، والدارمي "٢٧٣٩"، والطيالسي "٢٥١٨"، والبخاري في خلق أفعال العباد ص٥١، وابن حبان في صحيحه "٤٥٩٧"، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وإسناده صحيح.
٢ أخرج البخاري "١٥١٩"، ومسلم "٨٣"، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

<<  <   >  >>