للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الأول: التوقيفية "الربانية"

وتعني أن أهل السنة لا يقتبسون عقيدتهم إلا من مشكاة النبوة، قرآنا وسنة، لا عقل ولا ذوق ولا كشف، ولا يجعلون شيئًا من ذلك معارضا للوحي، بل هذه إن صحت كانت معضدة لحجة السمع، فالوحي هو الأصل المعتمد في تقرير مسائل الاعتقاد.

قال قوام السنة الأصبهاني: "وأما أهل الحق فجعلوا الكتاب والسنة أمامهم، وطلبهم الدين من قبلهما، وما وقع لهم من معقولهم وخواطرهم عرضوه على الكتبا والسنة، فإن وجدوه موافقا لهما قبلوه، وشكروا لله هيث أراهم ذلك ووفقهم إليه، وإن وجوده مخالفا لهما تركوا ما وقع لهم، وأقبلوا على الكتاب ولاسنة، ورجعوا بالتهمة على أنفسهم، فإن الكتاب والسنة لا يهديان إلا إلى الحق، ورأي الإنسان قد يرى الحق وقد يرى الباطل، وهذا معنى قول أبي سليمان الداراني، وهو واحد زمانه في المعرفة: "ما حدثتني نفسي بشيء إلا طلبت منها شاهدين من الكتاب والسنة، فإن أتت بهما، وإلا رددته في نحرها. أو كلام هذا معناه"١.

وقال شيخ الإسلام: "ولا ينصبون مقالة ويجعلونها من أصول دينهم، وجمل كلامهم، إن لم تكن ثابتة فيما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم بل يجعلون ما بعث به الرسول من الكتاب والحكمة هو الأصل الذي يعتقدونه ويعتمدونه"٢.

"فالذين يزعمون أنهم يستمدون شيئا من الدين عن طريق العقل والنظر، أو علم الكلام والفلسفة، أو الإلهام والكشف والوجد، أو الرؤى والأحلام، أو عن طريق


١ الحجة في بيان المحجة للأصبهاني "٢/ ٢٢٦".
٢ مجموع الفتاوى "٣/ ٣٤٧".

<<  <   >  >>