كل علم من العلوم يتوقف في وضع قواعده، والحكم في مسائله، وفهم حقيقة تلك المسائل على ما يستمده من غيره من العلوم والفنون، فهي بمثابة طرق ووسائل وأسباب ومصادر، وروافد تفيد في تقعيد قواعد ذلك العلم، وتعين على
طلبه ودرسه، وتلزم له، ويتوقف عليها.
وإذا كان علم التوحيد باعتباره لقبا على فن معين يعبر عنه بأنه "العلم بالأحكام الشرعية العقدية المكتسب من الأدلة المرضية، ورد الشبهات وقوادح الأدلة الخلافية".
فإن علم التوحيد يستمد من الكتاب العزيز والسنة المطهرة، وذلك بمعرفة مناهج الاستنباط، وطرائق الاستدلال، واستخراج الأحكام عند أهل السنة، وهذا يلزم له إلمام بالعربية التي هي لسان الوحي، قرآنا وسنة، وبها نطق أهل العلم في الأمة من السلف الصالح، كما يلزم له إدامة نظر في كتب الشروح والتفسير المأثور للقرآن والحديث، مع بلوغ غاية من علم الأصول، إذ هو سبيل الوصول إلى معرفة الأحكام الشرعية، العقدية والعملية، التي هي مناط السعادة الدنيوية والأخروية.
أنواع أدلة علم التوحيد:
وأما أنواع أدلة علم التوحيد المرضية، فهذا ما سنفصل فيه القول لعظيم أهميتها، وذلك؛ لأن علم التوحيد أوثق العلوم الشرعية دليلا، وأصرحها برهانا، وأظهرها بيانا، تقوم دعائم دلائله على صحائح المنقول، والإجماع الصحيح المتلقى بالقبول، ثم صرائح وبراهين المعقول، والطفرة المستقيمة السالمة من الانحراف،
وهذه إشارة إلى أنواع هذه الأدلة التي يؤيد بعضها بعضا.