للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رابعا: أهل السنة نمط واحد في باب الاعتقاد وأصول الدين:

لا منازعة بين المسلمين على خطورة أمر الاعتقاد، وعظم شأنه، وعلو قدره، إذ المخالف فيه على شفا هلكة.

ولهذا نجد أهل السنة جميعا على قول واحد في أصول هذا الباب وكليات، لم ينقل عنهم اختلاف في أمهات مسائل الاعتقاد وأصول الدين، بل المحفوظ عنهم اتفاقهم في هذه المسائل، وعدم اختلافهم عليها.

قال الشافعي رحمه الله: "القول في السنة التي أنا عليها، ورأيت عليه الذين رأيتهم مثل سفيان ومالك وغيرهما: الإقرار بشهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وأن الله على عرشه في سمائه، يقرب من خلقه كيف شاء، وينزل إلى السماء الدنيا كيف شاء.."١.

وقال الإمام أحمد رحمه الله: "هذه مذاهب أهل العلم، وأصحاب الأثر، وأهل السنة المستمسكين بعروتها، المعروفين بها، المقتدى بهم فيها من لدن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا، وأدركت عليها من علماء الحجاز والشام وغيرهما عليها، فمن خالف شيئا من هذه المذاهب، أو طعن فيها، أو عاب قائلها فهو مخالف مبتدع، وخارج عن الجماعة، زايل عن منهج السنة وسبيل الحق"٢.

قال ابن كثير في وصف وبيان من هم أهل السنة: "وهم أهل السنة والجماعة: المتمسكون بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وبما كان عليه الصدر الأول من الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين في قديم الدهر وحديثه"٣.

وهذا لا يعني أن كل مسائل الاعتقاد متفق عليها عند أهل السنة والجماعة، إذ قد وقع الخلاف بين الصحابة أنفسهم حول بعض مسائل العقيدة، ولكن لم تكن هذه المسائل من الأمهات والكليات في هذا الباب.

ومن الأمثلة على ذلك:

- اختلافهم في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه ليلة المعراج، هل وقعت أم لا؟


١ العلو للعلي الغفار، للذهبي ص١٢٠.
٢ العقيدة للإمام أحمد رواية أبي بكر الخلال ص٧٣.
٣ تفسير ابن كثير "٣/ ٤٣٤".

<<  <   >  >>