للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ثالثا: أهل الحديث]

وأما فيما يتعلق بمصطلح أهل الحديث، فقد روى الخطيب البغدادي بسنده عن الإمام أحمد: أنه ذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "تفترق الأمة على نيف وسبعين فرقة، كلها في النار إلا فرقة"، فقال: "إن لم يكونوا أصحاب الحديث، فلا أدري من هم"١.

وقال القاضي عياض عقب قول أحمد السابق: "إنما أراد أحمد أهل السنة والجماعة، ومن يعتقد مذهب أهل الحديث"٢.

وقال الجيلاني: "أهل السنة لا اسم لهم إلا اسم واحد، وهو: أصحاب الحديث".

وفي هذه الآثار دلالة على الترادف بين معنى مصطلح الفرقة الناجية وأهل الحديث، وأنهم المقصودون بهذا المصطلح عند إطلاقه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "إذا كانت سعادة الدنيا والآخرة هي باتباع المرسلين، فمن المعلوم أن أحق الناس بذلك: هم أعلمهم بآثار المرسلين، وأتبعهم لذلك، فالعالمون بأقوالهم وأفعالهم، المتبعون لها، هم أهل السعادة في كل زمان ومكان، وهم الطائفة الناجية من أهل كل ملة، وهم أهل السنة والحديث من هذه الأمة، فإنهم يشاركون سائر الأمة فيما عندهم من أمور الرسالة، ويمتازون عنهم بما اختصوا به من العلم الموروث عن الرسول، مما يجهله غيرهم أو يكذب به"٣.

ووصفهم الخطيب البغدادي رحمه الله بقوله: "حفظة الدين، وأوعية العلم وحملته.. ومنهم كل عالم فقيه، وإمام رفيع نبيه، وزاهد في قبيلة، ومخصوص بفضيلة، وقارئ متقن، وخطيب محسن وهم الجمهور العظيم، وسبيلهم السبيل المستقيم، وكل مبتدع باعتقادهم يتظاهر، وعلى الإفصاح بغير مذاهبهم لا يتجاسر"٤.


١ شرف أصحاب الحديث للخطيب البغدادي ص٢٥، ٢٧، ومعرفة علوم الحديث للحاكم ص٢٦.
٢ شرح النووي على صحيح مسلم "١٣/ ٦٧".
٣ مجموع الفتاوى "٤/ ٢٦".
٤ شرف أصحاب الحديث للخطيب البغدادي ص٩.

<<  <   >  >>