للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالفلسفة إعمال العقل في أي مجال وكل مجال بلا أي منطلقات ابقة من دين أو وحي، للوصول إلى الحقائق الأزلية -بزعمهم-، فهي محولة إدراك الفاني القاصر للأول والآخر -سبحانه-، وبالتالي فهي محاولة محكومة بالفشل، مقضي عليها بالخسار والبوار قبل أن تبدأ، إذ الفلسفة تنتهي حتما إلى التعقيد والتخليط والجفاف كلما حاولت أن تتناول مسائل العقيدة.

ولقد دخل من سمي بفلاسفة المسلمين في جحيم الفلسفة، فما خرجوا منها إلا إلى نار الجحيم -عياذًا بالله-، فأنكروا البعث والمعاد، وقالوا بقدم العالم، وجاءوا بالكفريات.

قال الغزالي رحمه الله: "وأما الإلهيات ففيها أكثر أغاليطهم، ومجموع ما غلطوا فيه يرجع إلى عشرين أصلًا يجب إكفارهم في ثلاثة منها، وتبديعهم في سبعة عشر، وقد أبطالناها جميعا في كتابنا المسمى تهافت الفلاسفة، فأما الثلاثة: فقولهم بأن الأجسام لا تحشر، وأن الله لا يعلم الجزئيات، بل الكليات فقط، وأن العالم قديم ... ثم قال: وجب الحكم بكفر أرستطاليس ومن قبله من الفلاسفة كأفلاطون وسقراط وغيرهم، وكفر متبعيهم من متفلسفة الإسلاميين كابن سينا، والفارابي، وأمثالهم"١.

بين الفلسفة وعلم الكلام:

إن الكلام يتعلق بدين بعينه، ولكن الفلسفة تبحث عنالحقائق والأصول بتجرد من كل دين ومذهب، ومن حيث المنهج فإن علم الكلام يبدأ من مسلمات عقدية يفترض صحتها، أي أن المتكلم يبدأ من قاعدة يعترف بها، ثم يبدأ في التماس الطريق العقلية المؤدية لإثباتها، وهذا بخلاف الفيلسوف الذي يتشكك في البدهيات، ويماري


١ المنقذ من الضلال للغزالي ص١٧.

<<  <   >  >>