للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا الشوكاني يذكر انكبابه في عنفوان شبابه على مؤلفات طوائف المتكلمين، ثم قال: "ورمت الرجوع بفائدة، والعودة بعائدة، فلم أظفر من ذلك بغير الخيبة والحيرة"١.

وقال المرعشي: "وأقول كما هجر الغزالي الكلام، كذلك هجرته وتبرأت وتبت منه إلى الله تعالى، الذي يقبل التوبة عن عباده، ويعفو عن السيئات، وأسأل الله ألا يحشرني يوم القيامة مع المتكلمين، وهذا القول مني بعد اشتغال بالكلام وتأليفي فيه "نشر الطوالع"٢، والآن أتمنى أن أجمع نسخه المنتشرة وأحرقها بالنار، ولئلا يبقى مني أثر في الكلام، لكني لا أقدر على ذلك"٣.

ونقل المرعشي قول أحد المتكلمين في حاشيته لشرح العقائد: "الاشتغال بتفاصيل علم الكلام يقسي القلب، ولذا نرى أكثر طلبته تاركي الصلاة، ومرتكبي الكبائر، ومضيعي العمر فيما لا يعنيهم"، ثم علق عليه فقال: يقول الفقير: "أما قسوة القلب فقد وجدناها بلا شك عند الاشتغال به، فنسأل الله يقيلنا عثراتنا"٤.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ولو جمعت ما بلغني في هذا الباب عن أعيان هؤلاء كفلان وفلان، لكان شيئا كثيرًا، وما لم يبلغني عن حيرتهم وشكهم أكثر وأكثر، وذلك؛ لأن الهدى هو فيما بعث الله به رسله، فمن أعرض عنه لم يكن مهتديا فكيف بمن عارضه بما يناقضه، وقدم مناقضه عليه"٥.


١ التحف في مذاهب السلف للشوكاني ص٧٤.
٢ من العجب أن هذا الكتاب الذي تراجع عنه صاحبه، كان مقررا على طلاب المعاهد الدينية بالأزهر في فترة سابقة، وهو شرح لطوالع البيضاوي الأصولي المتكلم.
٣ ترتيب العلوم للشيخ محمد المرعشي المعروف بـ"ساجقلي زاده" ص٧٤.
٤ المصدر السابق ص٢١٥.
٥ درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية "١/ ١٦٦".

<<  <   >  >>