للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإن أعظم ما أمر الله به هو التوحيد، قال تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد: ١٩] ، وقال سبحانه: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء: ٢٣] ، وفي حديث معاذ رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا معاذ، أتدري ما حق الله على العباد، وما حق العباد على الله؟ "، قلت: "الله ورسوله أعلم"، قال: "حق اله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا" ١، وفي حديث معاذ الآخر قال صلى الله عليه وسلم: "فليكن أول ما تدعوهم إليه: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله" ٢.

فكان أول الواجبات وأوجب التكليفات، هو إفراد الله تعالى بالتوحيد والبراءة من الشرك باتفاق أهل السنة، وفي الحديث: "إن العبد أول ما يسئل في قبره من ربك، وما دينك، ومن الرجل الذي بعث فيكم" ٣.

قال الإمام ابن أبي العز رحمه الله: "اعلم أن التوحيد هو أول دعوة الرسل وأول منازل الطريق، وأول مقام يقوم فيه السالك إلى الله عز وجل.. ولهذا كان الصحيح أن أول واجب يجب على المكلف شهادة أن لا إلا الله، لا النظر٤، ولا القصد إلى النظر٥، ولا الشك٦.. فالتوحيد أول ما يدخل به في الإسلام، وآخر ما يخرج به من الدنيا، فهو أول واجب وآخر واجب"٧.


١ أخرجه البخاري "٢٨٥٦"، ومسلم "٣٠".
٢ أخرجه البخاري "١٤٥٨"، ومسلم "١٩".
٣ أخرجه أبو داود "٣٢١٢"، وابن ماجه "١٥٤٨".
٤ وهذا مذهب الأشاعرة، انظر: "الإنصاف" للباقلاني ص٢٢.
٥ وهذا مذهب الجويني، انظر: "الإرشاد" للجويني ص٣.
٦ وهذا مذهب المعتزلة، انظر: "الأصول الخمسة" للقاضي عبد الجبار، وهذا كله مبني على أن الإيمان بالخالق كسبي نظري في أصله، وأهل السنة على أن الإيمان بالخالق في أصله فطري وهبي.
٧ شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز "١/ ٢١-٢٣".

<<  <   >  >>