للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإن أمكن نوع معرفة بالإشارة والكتابة ونحو ذلك-.

فعن الأسود بن سريع رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أربعة يحتجون يوم القيامة أصم لا يسمع شيئا، ورجل أحمق، ورجل هرم، ورجل مات على فترة، فأما الأصم فيقول: رب قد جاء الإسلام ولا أسمع شيئا، وأما الأحمق فيقول: رب قد جاء الإسلام والصبيان يحذفوني بالبعر، وأما الهرم فيقول: رب قد جاء الإسلام وما أعقل شيئا، وأما الذي مات على فترة فيقول: رب ما أتاني لك رسول، فيأخذ مواثيقهم ليطيعنه، فيرسل إليهم أن ادخلوا النار، فوالذي نفس محمد بيده لو دخلوها كانت عليهم بردًا وسلاما"، وفي رواية أبي هريرة: "فمن دخلها كانت عليه بردًا وسلاما، ومن لم يدخلها يسحب إليها" ١.

فإذا أصيبت حاسة السمع دون البصر أمكن العلم بالإشارة والكتابة، ولا سيما بعد استحداث لغة للتخاطب مع الصم والبكم، وإن فقد البصر حصل العلم، بالسمع، فإن فقدنا معا فقد قام العذر المانع من بلوغ الحجة، ولم تنقطع المعذرة في الآخرة.

٤- بلوغ الدعوة وقيام الحجة:

فلا حساب ولا عذاب إلا بعد قيام الحجة الرسالية بإرسال الرسل، وإنزال الكتب وقطع العذر على أكمل وجه، قال تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: ١٥] .

قال الشيخ الشنقيطي رحمه الله: "ظاهر هذه الآية الكريمة أن الله عز وجل لا يعذب أحدًا من خلقه، لا في الدنيا ولا في الآخرة، حتى يبعث إليه رسولا ينذره ويحذره، فيعصي ذلك الرسول ويستمر على الكفر والمعصية بعد الإنذار والإعذار.


١ رواه أحمد "١٥٨٦٦"، وابن أبي عاصم "٤٠٤"، وقال الهيثمي في المجمع: رجاله رجال الصحيح، وصححه الحافظ في الفتح "٣/ ٢٤٦"، والألباني في صحيح الجامع "٨٨١".

<<  <   >  >>