للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأهل القبلة فيما جهلوه من أحكام التوحيد، ومقتضياته معذورون لقوله تعالى: {لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [الأنعام: ١٩] ، وقال تعالى: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ} [النساء: ١٦٥] ، وقال تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: ١٥] .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "ومثل هذا في القرآن متعدد، بين سبحانه أنه لا يعاقب أحدًا حتى يبلغه ما جاء به الرسول، ومن علم أن محمدًا رسول الله فآمن بذلك، ولم يعلم كثيرًا مما جاء به، لم يعذبه الله على ما لم يبلغه، فإنه إذا لم يعذبه على ترك الإيمان قبل البلوغ، فإنه لا يعذبه على بعض شرائطه إلا بعد البلوغ أولى وأحرى"١.

وقال الحافظ الذهبي رحمه الله: "فلا يأثم أحد إلا بعد العلم، وبعد قيام الحجة عليه، والله لطيف رءوف بهم، قال تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: ١٥] ، وقد كان سادة الصحابة بالحبشة، وينزل الواجب والتحريم على النبي صلى الله عليه وسلم، فلا يبلغهم إلا بعد أشهر، فهم في تلك الأمور معذورون بالجهل حتى يبلغهم النص، وكذا يعذر بالجهل من لم يعلم حتى يسمع النص، والله أعلم"٢.

أهل الفترة:

وهم كل من لم تبلغهم دعوة الرسل، ولم تقم عليهم الحجة، أو عاشوا بين موت رسول وبعثة رسول آخر، ولم تبلغهم دعوة الأول٣.

فمن لم تبلغهم دعوة الرسول مطلقا، وماتوا على الشرك فهم معذورون في الدنيا بمعنى أن الله تعالى لا يعاجلهم بعذاب الاستئصال، ولا يتسلط عليهم المؤمنون


١ مجموع الفتاوى "٢٢/ ٤١، ٤٢".
٢ الكبائر للذهبي ص ١٢.
٣ تفسير الطبري "١٠/ ١٥٦".

<<  <   >  >>