للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- وإن المؤمن يعلم حقيقة الدنيا وسرعة تقلبها، فلا يخرج عند حلول كدرها؛ لأنه يعلم أن العيش عيش الآخرة.

-والمؤمن مع رضاه وعدم جزعه مغمور بالسعادة في حياته؛ لأن غايته إرضاء ربه، فهو يلهج بهذه الكلمة: "إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي".

- ثم إن لذات الدنيا زائلة خسيسة، وأعظم لذاتها الوقاع والطعام، وقد يحتقرهما الإنسان إذا تفكر فيهما.

- فالمؤمن عندما تقبل عليه الدنيا لا يعانقها معانقة العاشق؛ لأنه يعلم زوالها، فيأخذ منها بقدر ما يتزود إلى الآخرة١.

والمؤمن يتلذذ بلذات معنوية هي أعظم من كل اللذات الحسية، ولذا قال بعض السلف: "لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه، لجالدونا عليه بالسيوف"٢، وقال غيره: "إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة"٣.

قال شيخ الإسلام رحمه الله في قوله تعالى: {فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ} [الحديد: ١٣] : "ما يصنع أعدائي بي؟ أنا جنتي وبستاني في صدري، أنى رحت فهي معي لا تفارقني، إن حبسي خلوة، وقتلي شهادة وإخراجي من بلدي سياحة"٤.


١ التفسير الكبير للرازي "٢٠/ ١١٢".
٢ القائل هو الفضيل به عياض. انظر: الجواب الكافي لابن القيم ص١٦٨.
٣ القائل هو ابن تيمية. انظر: الوابل الصيب لابن القيم ص٦٩.
٤ الوابل الصيب لابن القيم ص٦٩.

<<  <   >  >>