للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال ابن القيم رحمه الله: "الثاني: قبول ما غاب للحق، وهو الإيمان بالغيب الذي أخبر به الحق سبحانه على لسان رسله، من أمور المعاد وتفصيله، والجنة والنار، وما قبل ذلك من الصراط والميزان والحساب، وما قبل ذلك من تشقق السماء وانفطارها، وانتثار الكواكب، ونسف الجبال، وطي العالم، وما قبل ذلك من أمور البرزخ ونعيمه وعذابه، فقبول هذا كله إيمانًا وتصديقًا وإيقانًا هو اليقين، بحيث لا يخالج القلب فيه شبهة، ولا شك ولا تناس ولا غفلة عنه، فإنه إن يهلك يقينه أفسده وأضعفه"١.

وإذا كان موقف أهل السنة هو التسليم الكامل، والإيمان التام بكل مسائل الغيب كما ورد بها النقل، وذلك من خصائص عقيدتهم؛ فإن أهل البدع لم يقفوا من هذه المسائل، ولا من تلك الخصيصة موقف أهل السنة؛ بل عارضت طوائف

منهم كثيرًا من أمور الغيب بعقولهم المريضة وآرائهم الفاسدة، فردوا بعضها

وأولوا بعضها، وخلطت طوائف أخرى بين أمور الغيب والخرافات والأوهام التي لا يقبلها عقل صحيح، ولا فطرة سليمة.

ومن أمثلة ما أنكره أصحاب العقول الفاسدة ما يلي:

١- عذاب القبر ونعيمه:

قال ابن القيم رحمه الله: "وأما أقوال أهل البدع والضلال، فقال أبو الهذيل والمريسي من خرج عن سمة الإيمان، فإنه يعذب بين النفختين والمسألة في القبر إنما تقع في ذلك الوقت، وأثبت الجبائي وابنه البلخي عذاب القبر، ولكنهم نفوه عن المؤمنين وأثبتوه لأصحاب التخليد من الكفار والفساق على أصولهم.


١ مدارج السالكين لابن القم "٢/ ٤٠٢".

<<  <   >  >>