للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله عنهما، ويستحلون دماءهما ودماء من تولاهما، ويستحبون سب علي وعثمان ونحوهما، وقدحوا في خلافة علي -رضي الله عنه- وإمامته"١.

سادسًا: وسطيتهم في المنقول والمعقول:

فهو وسط بين المعتزلة ومن تبعهم من المتكلمين الذين غلوا في المعقول حيث قدموه على المنقول، وبين الأشعرية الذين جفوا عن المعقول فنفوا العلل والحكم التي جعلها الله مناطًا لأحكامه وشرائع دينه، وقالوا: إنما يأمر وينهى بمحض الإرادة فقط لا لعلة ولا لحكمة، وتوسط أهل السنة والجماعة، فلم يقبلوا من المنقول إلا ما صح سنده وصحت دلالته، ولا من المعقول إلا ما كان صحيح البناء، ولم يعارض كتاب الله وسنة رسول -صلى الله عليه وسلم- وإجماع سلف الأئمة وأئمتها.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وهذا الموضع غلط فيه طائفتان من الناس: غالية غلت في المعقولات حتى جعلت ما ليس معقولًا من المعقول، وقدمته على الحس ونصوص الرسول -صلى الله عليه وسلم، وطائفة جفت عنه فردت المعقولات الصريحة، وقدمت عليها ما ظنته من السمعيات والحسيات، وهكذا الناس في السمعيات نوعان، وكذلك هم في الحسيات الباطنة والظاهرة نوعان، فيجب أن يعلم أن الحق لا ينقض بعضه بعضًا بل يصدق بعضه بعضًا، وإن ما علم بمعقول صريح لا يخالفه قط خبر صحيح ولا حس صحيح، وكذلك ما علم بالسمع الصحيح لا يعارضه عقل وحس، وكذلك ما علم بالحس الصحيح لا يناقضه خبر ولا معقول"٢.


١ المصدر السابق: "١/ ٢٧٨، ٢٧٩".
٢ الجواب الصحيح لابن تيمية "٣/ ١٣٣".

<<  <   >  >>