من وجوه كثيرة، كما أوضح ضعف استدلالاتهم، ومخالفتها للعقل والنقل معًا.
وإن وقع تعارض ظاهر فإما الخلل في موازين العقل أو لضعف في دليل الشرع، فإن لم يظهر خلل في ميزان العقل أو ضعف في دليل الشرع، فإن الشرع مقدم على العقل لعصمة الشرع دون العقل.
وقد سبق قول شيخ الإسلام رحمه الله:"وليس في الكتاب والسنة وإجماع الأمة شيء يخالف العقل الصريح؛ لأن ما خالف العقل الصريح باطل، وليس في الكتاب والسنة والإجماع باطل، ولكن فيه ألفاظ قد لا يفهمها بعض الناس، أو يفهمون منها معنى باطلًا، فالآفة منهم لا من الكتاب والسنة"١.
وأما أهل الأهواء فيدعون إمكانية حدوث التعارض بين العقل الصريح، والنقل الصحيح، ويضيفون إلى هذا الأصل الباطل أصلًا آخر أشد بطلانًا، وهو: وجوب تقديم العقل على النقل عند حدوث هذا التعارض المزعوم.
يقول الرازي في كتابه:"تأسيس التقديس": "الفصل الثاني والثلاثون في أن البراهين العقلية إذا صارت معارضة بالظواهر النقلية، فكيف يكون الحال فيها؟
اعلم أن الدلائل القطعية العقلية إذا قامت على ثبوت شيء، ثم وجدنا أدلة نقلية يشعر ظاهرها بخلاف ذلك، فهناك لا يخلو الحال من أحد أمور أربعة:
إما أن يصدق مقتضى العقل والنقل فيلزم تصديق النقيضين، وهو محال.
وإما أن يبطل فيلزم تكذيب النقيضين، وهو محال.
وإما أن يصدق الظواهر النقلية، ويكذب الظواهر العقلية، وذلك باطل؛ لأنه لا يمكننا أن نعرف صحة الظواهر النقلية إلا إذا عرفنا بالدلائل العقلية إثبات الصانع