للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العامي يصدق لأهل الاختصاص ما يقولونه دون اعتراض، وإن لم يتضح له وجهه، وإذا اتضح ازداد نورًا على نور، فكيف حال الناس مع الرسل وهم الصادقون المصدقون؛ بل لا يجوز أن يخبر الواحد منهم خلاف ما هو الحق في نفس الأمر"١.

قال الإمام الطحاوي -رحمه الله: "فمن رام علم ما حظر عنه علمه، ولم يقنع بالتسليم فهمه، حجبه مرامه عن خالص التوحيد، وصافي المعرفة، وصحيح الإيمان، فيتذبذب بين الكفر والإيمان، والتصديق والتكذيب، والإقرار والإنكار، موسوسًا تائهًا، شاكا زائغًا لا مؤمنًا مصدقًا، ولا جاحدًا مكذبًا"٢.

وبضدها تتميز الأشياء، فأين هذا المنهج السديد، والتعقيد الرشيد، الذي سار عليه أهل السنة، من مثل قول عمرو بن عبيد -إمام المعتزلة: "لو كانت: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ} [المسد: ١] في اللوح المحفوظ، لم يكن لله على العباد حجة! "٣.

أو قوله في حديث الصادق المصدوق: "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة. الحديث" ٤، قال -قبح الله قوله: "لو سمعت الأعمش يقول هذا لكذبته، ولو سمعته من زيد بن وهب لما صدقته، ولو سمعت ابن مسعود يقول هذا لما قبلته، ولو سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول هذا لرددته، لو سمعت الله يقول هذا لقلت: ليس على هذا أخذت ميثاقنا"٥.

وأخيرًا فإن في الإلتزام هذ القاعدة إثبات عصمة المرسلين، وتحقيق متابعة الرسول فيما أخبر وأمر، ومجابة مسالك المغضوب عليهم والضالين الذين ردوا على


١ انظر: درء تعارض العقل والنقل لابن تيمية "١/ ١٤١".
٢ شرح الطحاوية لابن أبي العز "١/ ٢٣٣، ٢٤٢".
٣ تاريخ بغداد للخطيب البغدادي "١٢/ ١٨٢"، وانظر: سير أعلام النبلاء للذهبي "٦/ ١٠٤".
٤ أخرجه البخاري "٣٢٠٨"، ومسلم "٢٦٤٣" من حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه.
٥ تاريخ بغداد للخطيب البغداد "١٢/ ١٧٠"، وانظر: سير أعلام النبلاء للذهبي "٦/ ١٠٤، ١٠٥".

<<  <   >  >>