للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والرسول -صلى الله عليه وسلم- بين مسائل التوحيد تارة بأدلتها النقلية مباشرة كأحوال البرزخ، ومسائل اليوم اليوم الآخر، وتارة يجمع إلى الأدلة النقلية الأدلة العقلية ويرشد إليها، فإما أن تكون أدلة مسائل علم التوحيد أدلة نقلية، أو أدلة نقلية عقلية.

وبهذا الأصل المبارك اعتصم أهل السنة والجماعة، فصدروا عن الوحي في تعلم التوحيد في مسائله وأدلته، "ولم ينصبوا مقالة ويجعلوها من أصول دينهم وجمل كلامهم، إن لم تكن ثابتة فيما جاء به الرسول؛ يل يجعلون ما بعث به الرسول من الكتاب والحكمة، هو الأصل يعتقدونه ويعتمدونه"١.

وردوا عند التنازع في مسألة ما إلى نصوص الوحي، امتثالًا لقوله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: ٥٩] ، ومعنى الرد إلى الله سبحانه: الرد إلى كتابه، ومعنى الرد إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم: الرد إلى سنته بعد وفاته، وهذا مما لا خلاف فيه بين جميع المسلمين"٢.

وفي إعمال هذه القاعدة نظر إلى الوحي بعين الكمال، واستغناء به عن غيره، واعتماد عليه، وتجنب اللوازم الباطلة لمذهب من يعول على العقل أو الذوق دون الشرع، وتحقيق للإيمان بالله واتباع رسوله -صلى الله عليه وسلم، ونجاة من مسالك أهل الأهواء الذين يتقدمون بين يدي الله ورسوله بعلومهم، وعقولهم وأذواقهم، وحسم لمادة التقليد الباطلة، مع تحقيق الاجتماع والألفة ونبذ الاختلاف والفرقة.


١ المصدر السابق "٣/ ٣٤٧".
٢ شرح الصدور بتحريم رفع القبور للشوكاني ص٥٩٣.

<<  <   >  >>