للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما إذا اجتمع اثنان كأهل الحديث وأهل السنة فبينهما تغاير، حيث يطلق الأول على المعتنين بعلم الحديث، ويطلق الثاني على باقي أهل الخير من الفرقة الناجية، فإذا اجتمعا افترقا، ومن ذلك قول عبد الرحمن بن مهدي رحمه الله: "الناس على وجوه: فمنهم من هو إمام في السنة إمام في الحديث، ومنهم من هو إمام في الحديث، فأما من هو إمام في السنة، وإمام في الحديث فسفيان الثوري"١.

- وهنا يثور سؤال حول تحديد أهل الحديث، وهل كل هذا الفضل خاص بدارسي هذا العلم، وحفظة متونه دون باقي أصناف أهل العلم؟

وإذا كانت الإجابة بدخول أصناف أخرى من أهل العلم، فإن ثمة سؤال آخر حول هذا ملعنى، وهو: هل يدخل في معنى أهل الحديث أناس آخرون لا علاقة لهم بعلم الحديث، ولا دراية لهم بالفقه وسائر العلوم: كالمجاهدين، والأجناد المرابطين على الثغور، ونحوهم؟

فأما السؤال الأول، فإن الإجابة تتقرر في دخول طوائف أهل العلم بالتفسير، والفقه، والتوحيد، وسائر العلوم الشرعية، في مصطلح أهل الحديث بعد دخول المشتغلين بعلم الحديث دخولا أوليا في هذا المصطلح.

ويدل على ذل عبارة الإمام البخاري في وصفهم بأنهم: "هم أهل العلم"، وكذا عبارة الإمام أحمد بن سنان: "هم أهل العلم وأصحاب الآثار".

فإذا وجد ما يدل على أنهم أهل العلم بالحديث، فهو من باب تفسير الشيء بذكر بعض أجزائه وأفراده، والقاعدة أن ذكر بعض أفراد العام لا يخصصه.

ولذلك كانت عبارة الإمام أحمد دقيقة حين رأى قوما يشتغلون بمدراسة


١ مقدمة الجرح والتعديل لابن أبي حاتم "١/ ١١٨"، وشرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة للالكائي "١/ ٦٣".

<<  <   >  >>