للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإجابته قد ذكرها جملة من أهل العلم، نذكر منهم الإمام النووي حين سئل عن الطائفة المنصورة: من هم؟

فقال: "ويحتمل أن هذه الطائفة مفرقة بين أنواع المؤمنين: منهم زهاد، وآمرون بالمعروف، وناهون عن المنكر، ومنهم أنواع أخرى من الخير"١، فأدخل فيهم أهل الجهاد وأنواعا أخرى من الخير: كالزهاد، والعباد، وغيرهم.

وقد صاغ ابن حجر كلام النووي بلفظ مقارب، فقال: "يجوز أن تكون الطائفة جماعة متعددة من أنواع المؤمنين: ما بين شجاع، وبصير بالحرب، وفقيه، ومحدث، ومفسر، وقائم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وزاهد، وعابد"٢.

ويخلص من ذلك كله إلى أن المصطلحات "الفرقة الناجية -الطائفة المنصورة- أهل السنة والجماعة- أهل الحديث"، هي مصطلحات شرعية مترادفة في معناها،

وعند إطلاقها يدخل بعضها في بعض، وأن أهلها متفاوتون في العلم بالسنة

والعمل بها، والجهاد والقيام به، ولا يتخلون عنه جميعا، وأن أهل هذه المصطلحات غير معصومين، والخير فيهم أكثر من الشر، كما أن الشر في غيرهم أكثر من الخير، ومع أنه ليس لهم تخصص علمي أو عملي يجمعهم، فقد وصلوا بمجموعهم إلى درجة الكمال البشري، مع التكامل في الواجبات والتخصصات، فهم قائمون بمجموعهم مقام النبوة في الأمة بحفظ الدين وإقامة الملة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وأما أهل العلم فكانوا يقولون: هم الأبدال؛ لأنهم أبدال الأنبياء، وقائمون مقامهم حقيقة، ليسوا من المعدمين الذين لا يعرف لهم حقيقة، كل منهم يقوم مقام الأنبياء في القدر الذي ناب عنهم فيه، هذا في العلم والمقال، وهذا في العبادة والحال، وهذا في الأمرين جميعًا"٣.

ثم إنه بقي مصطلح أخير عرفه أهل السنة والجماعة وتداولوه، ألا وهو مصطلح السلف.


١ شرح النووي على صحيح مسلم "١٣/ ٦٦-٦٧".
٢ فتح الباري "١٣/ ٢٩٥".
٣ مجموع الفتاوى "٤/ ٩٧".

<<  <   >  >>