للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك أن الباطل وأهله في أمر مريج، لا يقرون على قرار، ولا يهتدون لأمر سواء.

فسبب الاجتماع جمع الدين كله علما وعملا، ونتيجته سعادة الدنيا والآخرة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "إن سبب الاجتماع والألفة جمع الدين والعمل به كله، وهو عبادة الله وحده لا شريك له، كما أمر به باطنا وظاهرا ... ونتيجة الجماعة: رحمه الله ورضوانه، وسعادة الدنيا والآخرة، وبياض الوجوه"١.

قال تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ} [آل عمران: ١٠٦] .

وقال شيخ الإسلام: "فمتى ترك الناس بعض ما أمرهم الله به وقعت بينهم العداوة والبغضاء، وإذا تفرق القوم فسدوا وهلكوا، وإذا اجتمعوا صلحوا وملكوا، فإن الجماعة رحمة والفرقة عذاب"٢.

وقال: "فإنهم إذا اجتمعوا كانوا مطيعين لله بذلك مرحومين، فلا تكون طاعة الله بفعل لم يأمر الله به من اعتقاد أو قول أو عمل، فلو كان القول أو العمل الذي اجتمعوا عليه لم يأمر الله به، لم يكن ذلك طاعة لله ولا سببا لرحمته"٣.

فأهل السنة مستمسكون بالجماعة، معرضون عن مواضع التفرق والاختلاف، ملتزمون بجمل الكتاب والسنة والإجماع، بعيدون عن مواطن المتشابهات التي تفرق الجمع وتشتت الشمل؛ لأن الجماعة عندهم هي مناط النجاة في الدنيا والآخرة.

وهذا يشهد لصدقه واقع أهل البدع والأهواء المجتمعين على الأصول البدعية، فإن فرقهم الكبرى انشعبت إلى ما لا يحصى عدا من الفرق المتشاكسة المتعاكسة، وهذا


١ مجموع الفتاوى "١/ ١٧".
٢ المرجع السابق "٣/ ٤٢١".
٣ المرجع السابق "١/ ١٧".

<<  <   >  >>