فأهل السنة قد حملوا على عاتقهم مهمة مقاومة المنكر، وجهاد الدعاة إليه من المنافقين ومن آزرهم من الفاسقين، والعمل على إضعاف شأن أهل الريب والفساد، تحقيقًا لقوله تعالى:{وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[آل عمران: ١٠٤] .
فهم -من بين سائر الناس- قد نذروا أنفسهم لمحاربة المنكرات وأهلها، وإنكارها، وبيان حرمتها وخطرها، وأمر الناس بضدها من الخير والبر والمعروف.
وإذا كان الله عز وجل قد علق خيرية هذه الأمة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والإيمان به سبحانه وتعالى، كما في قوله تعالى:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}[آل عمران: ١١٠] ، كما أنه سبحانه قد امتدح المؤمنين بقيامهم بهذا الواجب العظيم، كما ورد ذلك في قوله تعالى:{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ}[التوبة: ٧١] ، إذا كان ذلك كذلك، فلا شك أن أهل السنة والجماعة هم أصحاب القدح المعلى، والنصيب الأوفر في هذا الباب، إذ هم خير هذه الأمة وأفضلها.
ومن اطلع على سيرة أئمة أهل السنة وتاريخهم ظهر له هذا الأمر واضحا جليا، وعلم أن أهل السنة لا يتركون هذا الواجب حتى لو أصابهم الأذى في سبيل ذلك.
ومن ذلك ما روي أن محمد بن المنكدر، وأصحاب له كانوا يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ونالهم في ذلك الأذى من السلطان١.
وكان شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى يخرج بتلاميذه، فيأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، ويدورون على الخمارات والحانات، فيكسرون أواني الخمور،