ومن أعظم أصول أهل السنة: التزام الطاعة للأئمة ما أقاموا كتاب الله في الأمة، وكما أن الاتباع واجب شرعي، فإن الاجتماع مطلب شرعي وضرورة عملية.
ويتحقق الاتباع العلمي والعملي بالاجتماع على أهل العلم الموافقين للسنة المتبعين لها قولا وعملا، وبالاجتماع على الإمام الحق ولزوم بيعته، والانضواء تحت رايته.
وفي جانب التزكية والتربية:
يتعين التأكيد على أنها مهمة الأنبياء والمرسلين، وهي من سبيل إقامة الدين، وبدونها لا يتأتى تغيير وإصلاح، وليست لها غاية تنتهي عندها، كما لا يستغني عنها المنتهي فضلا عن المبتدي، أنواعها كثيرة متعددة، فتربية علمية وأخرى وجدانية وثالثة جهادية.. ووسائلها لا تنحصر.
ومنهج التربية والتزكية يقوم على الوسطية: فكما أن أهل السنة وسط بين فرق الأمة في مسائل الاعتقاد فهم أيضا وسط في باب التربية، والسلوك بين طرفي الإفراط والتفريط، فهم وسط في باب الإخلاص بين المرائين والملامية١، وهم وسط بين المشتغلين بالعبادات القلبية دون العملية كالصوفية، والمشتغلين بإقامة رسوم العبادات الظاهرة فحسب، فكانوا أهل العبادة الظاهرة والباطنة.
وهم وسط بين من يريد من الله ولا يريد الله، وبين من يريد الله ولا يريد من الله، فهم يريدون رضا الله وجنته، وأما غيرهم فمنهم من يريد رضا الله ولا يريد جنته، كحال كثير من الصوفية، ومنهم من يريد نعيم الجنة المخلوق، ولا يريد رضا الله، كحال كثير من المتكلمة.
١ المراءون يعملون الصالحات بقصد رؤية الناس لهم وطلب مدحهم، وأما الملامية، فيفعلون ما يلامون عليه ويقولون: نحن متبعون في الباطن.