والثاني مذهب الشيخ أبي الحسن الأشعري وابن فورك١ والثالث مذهب أبي هاشم، وأما الرابع فإما أن يكون الابتداء من الناس والتتمة من الله وهو مذهب قوم، أو الابتداء من الله والتتمة من الناس وهو مذهب الأستاذ أبي إسحاق الأسفرايني. والمحققون متفقون في الكل إلا في مذهب عباد. ودليل فساده أن اللفظ لو دل بالذات لفهم كل واحد منهم كل اللغات، لعدم اختلاف الدلالات الذاتية واللازم باطل فالمذموم كذلك.
واحتج عباد بأنه لولا الدلالة الذاتية لكان وضع لفظ من بين الألفاظ بإزاء معنى من بين المعاني ترجيحًا بلا مرجح وهو محال. وجوابه أن الواضع إن كان هو الله فتخصيصه الألفاظ بالمعاني كتخصيص العالم بالإيجاد في وقت من بين سائر الأوقات.
وإن كان هو الناس فلعله لتعين الخطران بالبال، ودليل إمكان التوقف احتمال خلق الله تعالى الألفاظ
١ هو محمد بن الحسن بن فورك الأصبهاني عالم بالأصول والكلام توفي علم ٤٠٦هـ.